کد مطلب:168054 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:237

نبذة مختصرة من تاریخ کربلاء و جغرافیتها الی سنة ستین للهجرة
(كربلاء) بلدة عُرفت بهذا الاسم قبل الاسلام بزمن بعید، بل لعلّ الظاهر من بعض الروایات أنّ إسم كربلاء موغل فی القِدم إلی زمن آدم أبی البشر(ع)، [1] بل هی معروفة فی السماء ب‍ (أرض كرب وبلاء) كما فی روایة عن أمیرالمؤمنین (ع). [2] .

(وعلی حسبان (كربلا من الاسماء السامیّة الارامیّة أو البابلیّة تكون القریة من القُری القدیمة الزمان كبابل وأربیل، وكیف لا وهی من ناحیة نینوی الجنوبیة.. ونینوی من الاسماء الاشوریة..). [3] .

ویوحی إحتمال كون إسمها منحوتاً من كلمتی (كوربابل) أی مجموعة قُری بابلیة أنها كانت آنذاك أُمَّ القُری لقری عدیدة، منها نینوی، والعقر البابلی، والنواویس،والحَیْر، والعین: عین التمر، وغیرها من القری العدیدة التی كانت تقع بین البادیة وشاطیء الفرات.

ولعلّ (كربلاء) كانت قد أسست منذ عهد البابلیین والاشوریین و ورثها عنهم التنوخیون واللخمیّون، أمراء المناذرة وسكّان الحیرة تحت حمایة الاكاسرة فی إیران الذین كانت سیطرتهم یومذاك قدامتدّت علی مساحة واسعة جدّاً من آسیا.

كانت كربلاء عامرة ومتقدّمة من الناحیة الزراعیة آنذاك، لخصوبة أرضها وقربها من الفرات وملائمة مناخها لكثیر من الزراعات،وكانت تموّن المنطقة


والقوافل السیّارة المارة بها بالمنتوجات منحبوب وتمور وأثمار، وقد ازدهرت حتّی فی العصر الكلدانی، وكان یسكنها قومٌ من النصاری والدهاقین، وكانت تُسمّی آنذاك ب‍ (كوربابل)، وقد أُقیم علی أرضها معبد تقام فیه الصلاة، وحولها معابد أخری، وقد عُثر فی قری مجاورة لها علی جثث أموات فی أوانٍ خزفیة یعود تأریخها إلی ماقبل میلاد المسیح (ع).

وقد اشتهرت فی عهد اللخمیین الذین كانت الحیرة عاصمتهم، وقدكانت (عین التمر) یومئذٍ من البلاد التی تستورد منها أنواع التمور وتُنیخ فیها القوافل السیارة مُناخ ركابها للاستراحة فیها، وقد اكتسبت كربلاء أهمیتها التجاریة یومذاك من موقعها المشرف آنذاك علی الطرق المؤدّیة إلی الحیرة والانبار والشام والحجاز، كلّ ذلك كان قبل الفتح الاسلامی لتلك المنطقة ولارض السواد من العراق.

ویری الشیخ محمّد باقر المدرّس فی كتابه (مدینة الحسین (ع) أنّ الفرس فی عصر الملك سابور ذی الاكتاف الذی بویع سنة310م فی إیران وهو من الملوك الفرس الساسانیین كانوا قدقسّموا أرض العراق بعد فتحها إلی عشرة ألویة، وكلّ لواء إلی طسوج، وكلّ طسج إلی رساتیق، وكانت الارض الواقعة بین عین التمر والفرات تُعَدُّ اللواء العاشر، وكانت كربلاء أحد طسوج هذا اللواء. [4] .

ولقد فُتحت كربلاء فی جملة أراضی العراق التی فتحت عنوة علی ید المسلمین فی زمن أبی بكر (سنة 12 ه‍.ق)، وكان الذی أخذها عنوة خالد بن عرفطة وكان قد بعثه سعد بن أبی وقّاص مقدّمة له ولقد اتخذها مقرّاً ومعسكراً لجنده فترة من الزمن، وبعد أن استنفد منها غایاته الحربیة تركها وانتقل إلی الكوفة


لوخامة المناخوالرطوبة فی كربلاء.

ثمّ لم تزل كربلاء - بعد ازدهار الكوفة وتعاظم أهمیتها - قریة من قراها الكثیرة المبثوثة حولها، لایاءتی علی ذكرها ذاكرٌ إلاّ فی مناسبة من نوادر المناسبات، كما فی مرور أمیرالمؤمنین علیّ (ع)علیها فی جیشه الزاحف نحو الشام، أو جرت علی لسان متحدّث یروی خبراً من أخبار الملاحم عن رسول اللّه (ع) أو أمیرالمؤمنین(ع) بصدد مقتل سید الشهداء أبی عبداللّه الحسین (ع) وأرض مصرعه!

(وتقع كربلاء غرب نهر الفرات علی حافة البادیة، وسط المنطقة الرسوبیة المعروفة بأرض السواد، وعلی شمالها الغربی مدینة الانبار، وعلی شرقها مدینة بابل الاثریة، وفی الغرب منها الصحراء الغربیة، وفی الجنوب الغربی منها مدینة الحیرة عاصمة المناذرة... وتقع كربلاء علی حدود البادیة، یقصدها البدو من بلاد الحجاز والشام للمیرة والتموین، وإلی عهد قریب كان هذا شاءنها، وهی علی مسافة قریبة من العین،وهی واحة وارفة الاشجار وفیرة المیاه، وقد كانت مدینة العین من المدن المهمة فی منطقة البادیة...). [5] .

(وكان للحائر وهدة فسیحة محدودة بسلسلة تلال ممدودة وربوات متصلة فی الجهات الشمالیة والغربیة والجنوبیة منه، تشكّل للناظرین نصف دائرة مدخلها الجهة الشرقیةحیث یتوجه منها الزائر إلی مثوی سیدنا العبّاس بن علی (ع).). [6] .

ویقول السیّد هبة الدین الشهرستانی إنّ المنقبین وجدوا فی أعماق البیوت


المحدقة بقبر الحسین (ع) آثاراً تدلّ علی ارتفاعها القدیم فی أراضی جهات الشمال والغرب، ولایجدون فی الجهه،الشرقیّة سوی تربة رخوة واطئة، الامر الذی یُرشدنا إلی وضعیّة هذه البقعة، وأنها كانت فی عصرها الاوّل واطئة من جهة الشرق، ورابیة من جهتی الشمال والغرب علی شكل هلالی، وفی هذه الدائرة الهلالیة حوصرابن الزهراء البتول الطاهرة. [7] .


[1] راجع: البحار:242:44-243، باب 30، حديث 37.

[2] فعنه (ع) قوله: (وإنها لفي السموات معروفة تذكر أرض كرب وبلاء، كما تذكر بقعة الحرمين، وبقعة بيت المقدس) (راجع: أمالي الصدوق: 478 -480، المجلس 87، رقم 5).

[3] موسوعة العتبات المقدّسة: 8 / قسم كربلاء، ص 9 15.

[4] راجع: شهر حسين (ع): 10.

[5] راجع: تأريخ مرقد الحسين والعبّاس (ع): 18-18.

[6] راجع: تأريخ مرقد الحسين والعبّاس (ع): 28 عن نهضة الحسين (ع): 80.

[7] راجع: نهضة الحسين (ع):90 / وقال السيّد الشهرستاني،(ره): (ويؤيّد هذا ما رواه ابن قولويه في كامل الزيارات، وشيخه الكليني في الكافي، والمجلسي في مزارالبحار عن الصادق (ع): أنّ زائر الحسين (ع) يغتسل علي نهر الفرات ويدخل من الجانب الشرقي إلي القبرالشريف.).